من ديواني



العجوز

كنت أظنها باقية أبد الدهر فسقطت في لحظات إنها شجرة على باب مسكني في الغربة

 ****************************

 قالوا نزورك

قلت مرحى دائما بالزائرين

البيت في صدر الطريق

البابُ أبيضُ

والسطوح هنا قريبْ

وأخذتُ أرسم للرفاقِ

خريطة البيت السعيدْ

وعلامة استفهامِ

تبدو

مثل وشم في الوجوه

*******

في حضن أشجار الطريق

هناك

تحنو عليه عظيمة الأوراق

قالوا نراها من سنين

وأنا أراها منذ حضرت

مهيبةً

فاقت على أقرانها

ألقت ببيتي ظلها

وقت الشتاء

وإذا تمل وريقة في غصنها

ألقتها دومًا عندنا

في كبرياء

وأنا ألملمُ

ما تحدَّرَ من سوالفها العجوز

حتى تجدد ظلها

فربما ترضى

وربما ... إذ أزهرت أغصانها

وقت الربيع

بعطرها الغالي

أفوز


جاء الخريفُ فراقها

تجمعهما دوما علاقةْ

جاء الخريفُُ

فزاد مسلكها حماقةْ

طلت بوجه شاحبٍ

لكن تظل بأعين المارينَ

رمزًا للعراقةْ

*******

الصيف قيظ

قلنا جاء دورها

ستفيء ظلا

في الجدار

لكن أضاعت حلمنا

فالظل دوما

في الجوار

*******

حضر الشتاءْ

حاملا حلم النماءْ

كاشفا بعض الكنوزْ

لكنَّ جارتنا عجوز

سقطت بلا أدنى صمود

رغم الجمود

نفختها أنواء الشتاءْ

صارت هباءْ

*******

وقف الصحابْ

يعجبون

أين الجذور

أين التشبث بالترابْ

كيف استحالتْ هيبة العملاقْ

سرابْ

الويل يا ذات الفروع

أنتِ الخديعة والضبابْ

لا ظل فيكِ ولا نماءْ

وثمارك الكبرى

غثاءْ

أنتِ رفيقة الاغترابْ

تبدين بعض الاخضرار

وثمارك الحلوة

مرارْ

ويوم أن نرجو رضاكِ

تسخطين

ونمد أيدينا إليكِ

وترحلين

كغريبة تمضين

دونما كلمة وداع

يا صنو أرضٍ

صدقها بعض الخداع

كسفينة وسط العباب

بلا شراع

ربانها حمقٌ

ودفتها صراع

*******

يا عجوزًا أسرفتْ في زينة العطارْ

مرآتها زورٌ

وعزتها انكسارْ

فرض علينا أن نغازل قبحها

نبجل الغصن السقيم

ونلثم ما يسميه الضلالُ

برأسها أزهارْ

وفي المساءْ

ندبج الأشعارْ

نلعن عجزنا

نسأل من يفك وثاقنا

هذي اللعينةُ

ترتوي بدمائنا

وتحرمنا الثمارْ

والآن ترحل دونما إنذارْ

فهل سنبحث عن عجوز غيرها

أم آن يا صحب الفرارْ

*******



خالد عز الدين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق